الأربعاء، 27 مايو 2020

عيد ٢٠٢٠




الساعة الرابعة والنصف صباحاً و التكبيرات تدخل البيوت من كل ثقبْ 
قد سنحت لها الفرصة الآن فهمّت بالدخول من كل صوب  ككل سنة ..
الله أكبر الله أكبر .. معلنةً أن الله أكبَر !
الله أكبر كبيرا .. و الحمدلله كثيرا !
تستمرُ التكبيرات و يردد لسان حالك وراءها دون أن تشعر 
وكأنكَ لا تدري إن كانت مشاعرُ خِتامٍ تتسللها مشاعر بداية ... 
تطمئنك لأنك تريد الختامَ بشدّة و تريد في ذاتِ الآن نقطةَ استعداد لشيءٍ ما 
تعطيكَ من الجرعتين لكيلا يرتفع صوتُ أحدهما ظمأً .. 
لا تدري إن كانالكون يرددها معك ، و إن كان ترديدها طويلاً و من جموعٍ كانَت لتتحقق! 
لتشعر بها كشربة الماء بعد المشي في صحراءٍ قاحلة، 
أو كهدنة معلنة من كل مايحدث ، أو برقيةٍ تتضمنُ اتفاقية سلام .. 
رايةٌ بيضاء تحمل الكثير من الرضا في طياتها ، رايةٌ بيضاء تخبرك أن الله أكبر كبيرا .. و رضاً مختزنٌ في قلبكَ لا تعلم مطرحه ليخرج مع كلمة .. الحمدلله كثيرا !

يتداخل أصوات المؤذنون و لا تدري .. إن كنتَ قد أَفقتَ من كل هذه السيمفونية على الخامسة فجراً لترى البياض ناصعاً ليس في رايةٍ بيضاء الآن بل في ثوبٍ ورائحة عطرٍ تحفظها
 كما تحفظ أ ب...
 و صوتُ الأذانِ من أبيك لا يشبه صوتاً آخر .. يعلنُ هدنةً أخرى ، من نوعٍ آخر
تجلس لتَعِي الموقف .. و تجد أن الهدنة قد أُعلِنت مع أول تكبيرةٍ منه
و أن الأذان في قلبك و من قلبك و لِقلبك .. و لم ينجح أيٌ من الأصواتِ 
التي تسلَّلت للتكبيرات في اجتيازك .. تلاشت المنابر و لم يتبقَ أحد
فمحرابٌ بقربِ الشباك ..
 انعكاسٌ لضوءٍ على ثوبٍ أبيض 
أباك .. يكبر فيأذنك وقد أتيت تواً للحياة 
و يعيد الكرَّة من جديد... في كل عيد



عيد ٢٠٢٠
صالة بيتنا 
بابا

الأحد، 17 مايو 2020

جائحة كورونا COVID-19


مقابض الأبواب




لازلت أذكر الإعلانات التجارية و الحملات الإعلانية الضخمة ، كانت في الشوارع و في الأزقة و  بين الجرائد الممزقة ، الحل الأمثل للهرب .. فقد انخفضت أجور أصحاب التنمية البشرية وقد فقدوا بريقهم ، فكانت مقابض الأبواب تُباع أكثر مِمّا يُباع من طرق التصالح مع الذات و آليات المرور من خلال الشعور لا الالتفاف من ورائه لدى ألسنة أصحاب التنمية.. كلٌ يريد مقبضاً جديداّ. لفرصة أكبر للخارج! ووجدنا خلاصنا في الخارج. كلما يطرأ أمرٌ أمسك مقبض الباب .. كان في ملمسهِ أمرٌ مُطمْئِن. كلما تمر فكرة أمام غرفتي أربط حذائي و أستعد ، خلفَ البابِ من الداخل مدينة من الأفكار و المشاعر التي لم نَخُضها. التعداد السكاني لمنطقة ماوراء الباب قد تجاوز المحتمل، فخلف الباب الكثير مما حدث في  البارحة ، وقبل شهر ، و قبل عام.. ربما مذُّ كنت أرتشف حليب المراعي و أحدق في الشاشة فيأتي الإعلان ، لم نكن ننظر لفعالية الأمر حقاً .. كل ما في الأمر أننا نفتح الباب فنظن أن ينتهي كل شيء. كالمخدر التي تحقنه الممرضة ، لكننا هذه المرة نفعلها بأنفسنا. ياليتنا ارتعبنا من هذه الحقنة كما ارتعبنا من غيرها سابقاً ، فنحن !لا نقرأ حتى طريقة استخدامها. يهمنا مفعولها المؤقت فقط، حتى تحول المؤقت .. للأبد

  حين دخولك للمنزل تجتمع حولك الكائنات الصغيرة ، كلها التي لم تُبدِ لها اهتمام! تتوزع في مناطق المنزل .. تتوالد و تتكاثر ، تنتظرك على طاولة الطعام. تظن أنها بحاجة لتلتهم شيئاً ، ربما بعضٌ منك .. فتترك لها بعضك و تمضي. وهي كانت في حاجة ماسة للحديث ، فحينَ تذهب لغرفتك لا تجد مساحة لتربيعة على السرير .. تلك التربيعة الخالية من كل ماهو مؤرق ، السرير مزدحم جدا.َ ذاتهم المروجون لمقابض الأبواب يروجون لحلول لما يحدث لك في تلك السويعات التي تعود بها للمنزل ، يروجون لك بسرير واسع ب5 فوائد للنوم على الأرض .. لطرق الهرب الكثيرة .. يعلمونك كل شيء. فتصبح مثالاً لتجربة ناجحة للعميل .. و بمرتبة شرف

أتَتِ الجائحة ، ارتفعت أعراض انسحاب المخدر و انخفضت سيولة تلك الشركات
مقابض الأبواب أصبحت تُباع في السوقِ السوداء ، ارتفعت نوبات الهلع
لم نخطط لذلك

 أُغلقتِ أبواب الخارج "الحرية المجوفة"، وفُتحت أبواب الداخل "التحرر".

كل الذي حدث أن أتت مساحة لتربيعة على السرير ، بعد غداءٍ جيِّد مع شعورٍ في الثانية عَشر ، و صدمةٍ في العشرين .. 
أصبح كل شيء عُرضة للمساءلة و الشك و الشعور بالغصة والغثيان و الغضب و الألم
أصبحتِ الإعلانات عن موائدِ الطعام أكثر ، و أصحاب التنمية ليس على ألسنتهم غير الشجاعة .. 

قلَّ التعداد السكاني للمدينة التي تحمل الماضي
هُزِمَ شَجَعُ أصحابِ المقابض!

فحين تأتي الأزقة الآن
ستجدُ المقابض على الصحف تحت عنوان
"  مخدِّر جديد تم اكتشافه، مُنِعَ من الاستخدام " 


انتهى.